الشرق-سعيد حاجي
قرأت إعلانا قبل قليل في إحدى المجلات الفرنسية أعتقد أن بعض المسؤولين الموقرين "دْيَالنا" فاتتهم فرصة قراءته . ويتعلق الأمر بالجامعة الحرة ببروكسيل التي تبحث عن متطوعين سياسيين يعيشون انفصاما في شخصياتهم من أجل إختبار أثر الإنفصام على السياسة.
كما أعتقد كذلك أن بعض المنتخبين الذين يعيشون اليوم أزهى فترات الشيزوفرنيا "وقْـليب الفيستا" بعد الوعود المعسولة لو تقدموا إلى هذه الخدمة الإنسانية الجليلة لذكرهم التاريخ في صفحة من صفحاته المجيدة بماء من ذهب، أو على الأقل سيفهمون كذلك مصدر وعمق رباطة الجأش التي يتحلون بها حينما تستقبلهم أفواج من المواطنين المحتجين كل صباح أمام مقرات عملهم بالصفير و"الطاباج " أو تشنيف أسماعهم بشعارات مناوئة لهم تنصحهم باعتزال السياسة... ومع ذلك لا تتحرك في قلوبهم مثقال ذرة من الغيرة والنخوة .
ومُهمٌ جدا أن نؤكد لكم اليوم يا سادة على أننا نتوفرعلى مخزون لابأس به من هؤلاء الإنفصاميين الذين تبحث عنهم هذه الجامعة البلجيكية بالفتيلة والقنديل خاصة وأن أغلبهم مولعون بمضمون تلك المقولة المغربية التي تقول " ديرو بقوالي او لا ديرو بفعالي".
كيف لا ونحن الذين كنا نسمع بالأمس القريب وعودا وخطابات طويلة شبيهة بالمعلقات الغزلية من بعض المسؤولين أثناء الحملات الإنتخابية لكن بمجرد ما إن وطأت أقدامهم غياهب السلطة تحولت هذه الوعود إلى المجموعة الفارغة التي أفرغت العملية السياسية من محتواها الحقيقي.
كيف لا ونحن الذين كنا نسمع بالأمس القريب شعارات حزب-الورقية- التي يمتطيها أغلب منتخبينا بلا رصيد نضالي أو معرفي تتحدث في برامجها عن مشاريع سريالية لكن في المقابل لما دخلوا إلى مقرات عملهم من باب واسع قلبوا " الفيستا" وتراجعوا عن التزامات وبرامج مسطرة سلفا ألفنا سماعها في كل حملة انتخابية.
طبعا كل من يتأمل هذه المفارقات العجيبة ويتذكر من خلالها منظر هؤلاء الانفصاميين وهم "مُقرَّدُون" أمام منازلهم أيام الحملات الانتخابية ويمدّونهم بوعودهم الكاذبة في حل مشاكلهم العالقة، سيفهم جيدا لماذا يصحُ أن نطلب اليوم من هؤلاء أن يعرضوا أنفسهم على الأطباء النفسانيين بالجامعة البلجيكية لكي يجربوا حظهم في هذا الإختبار الإنساني.
