الشرق-سعيد حاجي
إلى وقت قريب كانت الأعراس المغربية على وجه العموم وبمدينة تاوريرت على وجه الخصوص تتميز بخصوصية الموروث الأصيل وليالي الفرح المنظمة ، بينما اتخذت مظاهر الفرح اليوم منحى آخر تجاوز كل حدود الإزعاج ، فصارت مكبرات الصوت تتوزع في كل اتجاهات ونوافذ المنزل في أغلبية الأعراس ، وكأنها طقس احتفالي لا يمكن الاستغناء عنه، غير مبالين بأصواتها القوية التي قد تمتد لليالي ـ عند البعض ـ دون مراعاة للأوقات غير المناسبة أو للآخرين من الجيران أو أبناء الحي ، خصوصاً المرضى والأطفال وكبار السن ..موقع "الشرق" استطلع آراء متباينة لإشكالية مكبرات الصوت المترافقة مع الأعراس، والتي غالبا ما تمتد بطول الليل حتى الصباح، والآثار النفسية والاجتماعية لهذه الظاهرة في المجتمع :
إزعاج غير مبرر ...
فاطمة الزهراء مستخدمة بالقطاع الخاص، تبدو منزعجة من ظاهرة الإزعاج غير المبرر لظاهرة مكبرات الصوت في الأعراس، التي تمتد طول الليل و تلخص رؤيتها قائلة : ظاهرة الميكرفونات وإطلاق أغاني الفرح الصاخبة قبيل العرس بأيام ، ومصاحبتها بالألعاب النارية ، وبناء الخيام وسط الطريق تعد ظاهرة سيئة بكل المقاييس ، ولا يقرها دين أو أخلاق ، نتيجة الإزعاج الحادث على الجيران طيلة فترة الفرح ، إضافة لمدى خطورة الألعاب النارية التي قد تتسبب في انقلاب الفرح إلى عزاء .. وتضيف : للتخلص من هذه الظاهرة لابد من تكثيف برامج التوعية بانعكاساتها وأضرارها عبر وسائل الإعلام والمدارس ، مع التوجه الأمني الحازم تجاه من يمارسها ، لأنها لا تساهم سوى في مزيد من الاحتقان جراء حالة الضجيج حتى أوقات متأخرة من الليل ، عموماً المسؤولية الآن تقع على عاتقنا جميعاً كمجتمع وكسلطات محلية ، حتى نصبح مجتمعاً راقيا بسلوكنا لا بالشعارات فقط .
الزواج إشهار وليس ترويعاً وإفزاعاً ...
بينما يضع عبد الرحيم تاجر ، وهو يحدد الدافع الرئيسي لتفشي الظاهرة وآثارها على علاقة المجتمع فيقول : الإشهار من شروط الزواج ، وللأسف فقد تحول مفهوم الإشهار إلى إزعاج وتفاخر أهل العرس على إحياء الليالي الملاح ، وهو ما جعلهم يتبارون في ذلك ، وبعدما كانت مكبرات الصوت تقتصر على ساعات قليلة لا تتجاوز الثانية عشرة ليلا ، أصبحت تمتد إلى الساعات الاولى من الصباح ، بل وقفزت موضة التفاخر الى جلب مكبرات صوت خاصة، ومرور مواكب الأعراس مصحوب بمنبهات الصوت، في الشوارع في وقت متأخر من الليل !! متناسين حقوق الجار والساكنة ، ووجوب مراعاة وجود الأطفال والعجزة والمرضى.
لابد منها .. لكن بأوقات ...
وتبرر أمينة وهي حديثة العهد بالزواج وجود مكبرات الصوت ، بل وتعدها ظاهرة موجودة ، لكن لها أوقات معينة، فتقول : إن الإشهار ركن أساسي من أركان الزواج ، وتترتب عليه جميع مظاهر الفرح التي يراها البعض إزعاجاً .. وتضيف : ليس جديداً علينا موضوع مكبرات الصوت ، فمنذ زمن بعيد ونحن نمارس ذلك ، وكل ما في الأمر هو مسألة الوقت الذي ترفع فيه هذه المكبرات ، إذ أصبح البعض لا يتحاشى إيقافها حتى في آخر الليل ، وهذا سلوك سيىء يسبب إزعاجاً للجيران.
يُبدي ابراهيم غضبه من ظاهرة مكبرات الصوت، ورفع المنبهات بعد منتصف الليل ، فيقول بلهجة شديدة : ما يسمونها عبثاً بالأعراس تُخرج " أبو الهول" عن صمته ، وتجعله يتذكر كل عبارات الشتيمة ، اننا في مجتمع يجب أن يعرف ماله وما عليه، وان رفع الأصوات الى وقت متأخر من اليل وضرب راحة الجيران عرض الحائط يعد قلة أدب، ويجب على السلطات المحلية أن تضع قوانين تحدد فيه شروط وتوقيت انتهاء اقامة حفل زفاف. لا يعقل " أنه شي يتعرس وشي يتهرس"
