-->
وكالة الشرق للانباء | Acharq.net وكالة الشرق للانباء | Acharq.net
أخبار

آخر الأخبار

أخبار
أخبار
جاري التحميل ...
أخبار

مدينة الاربعة والاربعين ... الحرائق والإنتحارات ...

 الشرق-بوجمعة السهلي
خذ جولة  عبر  أنحاء العالم ، و  بالمغرب  فستجد  مدن لها تاريخ في ميدان ما  يضرب بها المثل ، مثلا  في العلم ، في الثقافة ... فستجد بانجلترا  عاصمة الضباب" لندن"  ، وبفرنسا مدينة الأنوار "باريس" ...وهنا بالمغرب  ثاني أنقى مدينة في العالم "افران " ، أو مدينة الزهور  "المحمدية "... وهناك  مدن معروفة بشخصية هامة  لها باع طويل في ميدان ما ، أو  بنشاط معين  يتم  مزاولته من طرف  سكانها  أو مرتبطة بالمنتوج المعروف داخل ترابها  ، في مجالات شتى  كالصناعة ، الفلاحة و السياحة ... أو أنشطة أخرى تكون أساس محرك  عجلة التنمية بالمدينة أو الإقليم ككل ، و من خلالها  يتم تنصيب بمركزها  ، أو  بشوارعها ، تمثال للشخصية أو مجسم خاص بنوع المنتوج أو النشاط ،  ... لتصبح المدينة تحمل لقب حسب ميزتها وطابعها.

أما مدينة تاوريرت "الفاضلة"  ، فقد حباها الله بموقع جغرافي ،  جعل منها مدينة فلاحية على ضفتي واد زا ، ولكن يبقى ارتباطها أكثر    بالجبل الذي  ينتصب جنوبها ويطل عليها كحارس طبيعي على شكل طائر  مكسور الجناحين  ، أو كرقع تاريخي يسجل عليه أرشيف هذه المدينة الذي صار يدون إلا ما هو سلبي من خلال ما يدور بأسطوانة دواليب حركية وأحداث  المدينة . يطلق على هذا الجبل  إسم " الأربعة والأربعين ولي" صار إسمه مرتبط طوبونميا  بالمدينة ، فلهذا يكون حاضرا في ثقافة عامة الناس الشفهية ، و في الفن بشتى أنواعه كالفولكلور والأ هازيج ... وفي الرسم على اللوحات ، على الحائط ... فدائما تاوريرت في أسفل المنبسط الذي  يطل عليه الجبل .

ويحكى أن مجموعة من الأولية عمروا هاته الأرض واستقروا   بعين المكان وكان لهم من التزهد ما أوتي من الخير والبركة ، إلى أن وافتهم  المنية  ، ودفنوا على مشارف الجبل على حد قول الرواة .  فبيت القصيد هو  أن هذا الجبل المعروف بإسم "أربعة  وأربعين ولي" رغم أن حقيقة الأولياء تشوبها شائبة ، ويغطيها  لبس . وكما يقال عند عامة الناس (إذا أشتد بالإنسان يوما  أمر صعب  وكرب ، أو خالفه سوء حظه ،  فيقال له أنه تعرض  لدعاء من طرف  شخص  قبل مامته ) فهي نفس الفرضية  أطبقها على هذه المدينة ، وقد يقودني تخميني إلى أن أحد هؤلاء الأولية دعا على هذه المدينة ، وصارت بعد ذلك  رمزا للبؤس ، وعنوانا للشؤم ، والقلق ...

فإلى جانب سوء التدبير والإهمال من طرف المسؤولين  وغياب التنمية ، أو اقتصارها على جانب منها ، وأمور كثير متعلقة بالسياسة ... ولكن مازادها جمالا هي تفشي ظاهرة إجتماعية ألا وهي الانتحار عبر السينين الأخيرة   ، لتتصدر بذلك تاوريرت المراتب الأولى  وطنيا في الإنتحار ، ففي كل مرة نسمع حالة جديدة للإنتحار ، تهز على وقعها ساكنة المدينة ، كما صارت كابوس مزعج لها، الشيئ الذي يطرح أكثر من علامة إستفهام في الموضوع ، وتختلف حالات الإنتحار من الشنق إلى الإرتماء أمام القطار وشرب المواد السامة  ... غير أن الأسباب تختلف حسب كل شخص... ونسأل الله اللطف والعافية .  أما كارثة الحرائق فمهما إختلف سببها سواء كانت بفعل فاعل أم نتيجة  أخطاء تقنية ، فقد صارت هي الأخرى  لعنة تعصف كل مرة بأسواق المدينة الداخلية منها ، أو بضاحية المدينة خارج المدار  الحضري .  فمنذ كارثة  صيف 2009 المتمثلة في الحريق المهول الذي شب بالسوق   (السوق المحروق) وسط المدينة ، والذي أتى على الأخضر واليابس ، فمنذ ذاك الحين  توالت على أسواق المدينة سلسلة من الحرائق وكان آخرها الحريق -والثاني من نوعه - الذي شب بسوق  المواشي والخضر "العشوائي" ، والذي لا تتوافق بنية بناءه  و شروط السلامة ، نظرا  لطبيعة بناءه  بوسائل تقليدية قابلة للإحتراق بسرعة ، كالقصب والأعمدة الخشبية ، الشيئ الذي يزيد من وثيرة الاحتراق ، وزد على ذلك طبيعة السلع كالتبن و"الفصة" ... السريعة الإلتهام من طرف النيران . وقبله بأشهر  كان قد اندلع  حريق بسوق" مولاي علي الشريف" ، ولطفا من الله ، فإنه لم يخلف  أية خسائر بشرية .

إذن أنها لمصائب و مساوئ تعد وتسجل في خانة أرشيف الأسود لمدينة الأربعة والأربعين  ، و باتت تشكل نقط سوداء  في تاريخها وحاضرها ومستقبلها . وجعلتها مدينة تعتلي البوديوم وطنيا  لتتوج بالمراتب الأولى في الحرائق والإنتحارات ، قد توصف بمدينة (الحرائق والانتحارات) ... ويبقى السؤال العريض ، المطروح هنا  : هل من تنمية مندمجة وحقيقية تحظى بها المدينة التي ،  صارت تنافس  مدن كبرى في التعمير  ، والتوسع ... وذلك  للحد من  ظاهرة الإنتحار مثلا  ،  وخاصة في صفوف الشباب ؟ وبناء أسواق بمعايير جيدة وبتدابير وقائية من الحرائق ؟    أم سيبقى السؤال مطروحا إلى أن يعلو قمة جبل  الأربعة والأربعين ، ولا يصل صداه إلى المسؤولين  ؟

التعليقات

';


جميع الحقوق محفوظة

وكالة الشرق للانباء | Acharq.net

2016